الابداع جزء لا يتجزأ من حياة المسلم

بقلم فيصل برهان
ترجمة من الانجليزي، ناريمان برهان، راما برهان
تاريخ النشر في اللغة العربية:٢٠٢١

الابداع والبدعة في الاسلام

إذا كانت الحداثة جزءا لا يتجزأ من الوجود الإنساني، فالاولى ان تكون حقيقة اصيلة في الدين لِتُوَفِرَ للناس الحلول الفعالة التي تتجاوب مع الأوامر الإلهية والتعاليم الإسلامية. قال تعالى 

كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب.” سورة ص-الآية 29″

 ،يبين الدكتور عبد الواحد وجيه الخبير بالفاظ القرآن ان

التدبر هو أعلى مراتب التفكير. يسبق التدبر التفكر والتمعن. الله تعالى يقول, أفلا يتدبرون القرآن، اي ان مقدار التدبر هو ان تغوص اغوار الأمور وتأتي بالجديد

السؤال الذي يفرض نفسه، هل غفل بعض علماء المسلمين عن هذا المعنى؟ ثم  فرضوا على اتباعهم إغلاق عقولِهم وان لا يفسرون آيات القرآن اختزلوا ذلك لأنفسهم. ان كان التدبر هو البحث والدراسة للايتيان بالجديد وهو مطلب من مطالب القرآن، فكيف حَقَرَ هؤلاء العلماء الابداع، وسموا أهله بالمبتدعة تصغيرا وتحقيرا؟  علما بأن القرآن الكريم يحتوي على مبادئ وأفكار صالحة لكل زمان ومكان وظرف مما يُمَكِنُ كل إنسان من فهمه وتدبره ودراسته بالذي يناسب زمانه ومكانه وبيئته. هذا المقال يجيب على هذا التساؤل ويعالج بعض المفاهيم التي ربما كانت سببا رئيسيا في تدهور المسلمين. 


داخل عقل المسلم وشحذ الهمة

على المسلمين إعمال عقولهم وعدم التقيد بمفهوم متوارث او فتوى ترفض التحديث والبدء بالتفكير خارج الإطار، “لمَ؟ هذا مراد الله، إنه لا يعنيني، لا علي، هكذا قال فسر وافتى   العالم الفلاني، ليس بمقدوري شيء.” وأما قائمة الإتكالية والتراجع فإنها تطول وتطول. وهذا كله في الحقيقة اقرب الى الانتحار.

ألم يفتح الله تعالى الآفاق للمسلمين لنهل العلم والانخراط في التعلم والتقدم والمضيّ للفلاح؟ أليس هو الذي وصف المؤمنين قائلا،

الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين.” آل عمران  الآية 114

كيف يمكننا السعي والاندفاع للمنافسة مع الآخرين في عمل الخيرات بدون ان نقدم فكرة جديدة او منتج مبهر أو خطّة تستبق الزمن. كيف نكون مسارعين للإصلاح في الخير ببلاده، ودون تبديع وذكاء؟ إِقفال العقول والقلوب عن التفكير وعدم الإتيان بأي عمل في ميدان الإصلاح هو خلاف لأوامر الله تعالى وباب للإخفاق. 

ليست كل الحلول، التي قدمها النبي محمد صلى الله عليه وسلم في القرن السابع الميلادي، المناسبة لبيئة شبه الجزيرة العربية والمقيمين فيها، أوالفتاوى في القرون اللاحقة أن يكونون مناسبين لمن يعيش في القرن الواحد والعشرين، والذي يشهد تطورا تقنياً واقتصادياً وصناعياً متسارعاً، إضافةً إلى العديد من التغيرات الآنية  في الحياة الاجتماعية والسياسية. هذا التغيير والتقدم أَوجد عادات وتقاليد جديدة تختلف تماما عما سبق من القرون.

ايجاد وإعداد معاهد ذوات اختصاص

إخفاق المسلمين الكامن في معظم ميادين الحياة يوجب إنشاء مؤسسات لدراسة إخفاقهم ولإيجاد طرق وخطط لإخراجهم من غرقهم. يمكن لهذه المعاهد أن تتعاون مع الجامعات والمدارس الحالية أو مع مؤسسات فكرية بحثية متخصصة، مهمتها النهوض بالامة. 

على المدارس والمراكز الإسلامية والمؤسسات الأكاديمية أن تقدم دورات تربوية في الروحانيات الإسلامية، كالتقوى والخشوع وذكر الله في جلسات مكثفة للتأمل والتفكر في صفات الله تعالى المتجلية في الإنسان وخلق الكون والسموات والأرض. على هذه المعاهد أن تمنح الطلاب شهادات النجاح في تزكية النفس والحكمة تأسيا بتعاليم وسنة رسول الله في تعليم الحكمة والتزكية

على مؤسسات التعليم أن تزرع في عقول الطلاب اتباع سنة النبي محمد في التخطيط  والاتقان في العمل مع الفهم الصحيح لقيادته وسننه في تثبيت الأمر قبل العمل عليه، والتي تتضمن:

 توحيد صفوف المسلمين
اجتثّاث جذور العنف والاستبداد
تغيير القلوب والعقول
 حفظ حقوق الأمن والسلام
تطبيق العدل في كل ميادين الحياة

نقاش حول جدلية البدعة في الإسلام

إيضاح موضوع البدعة في الإسلام هو من أهم المواضيع التي يجب طرحها نتيجة لشيوع التشكيك في الابداع. الفهم الصحيح لهذا الموضوع يزيل الكثير من الشبهات والنقاش والتوترات القائمة بين المسلمين. وهذا بدوره يُمَهد السبيل نحو التطور والنماء. كما يُوَصَى لهذا الموضوع الدراسة والتداول في كافة المؤسسات الإسلامية وحتى في ميادين العمل والمنزل.

هذا المقال متأثر بشكل كبير بمقابلة  الدكتور عدنان ابراهيم على برنامج “آفاق” الذي عُرِض في يوليو 2014 على القناة المصرية، روتانا. 

المعنى المعجمي لكلمة بدعة

جذرها بَدَعَ وقد اشتقّت من كلمة إبداع.  والابداع هو خلق وابتكار لشيء لم يكن موجودا مسبقا. مثال: الله بديع السموات والأرض، أي أن الله تعالى هو خلق السموات والأرض وأنشأها من غير مثال سبق وحيث لم تكن.

أحاديث نبوية وردت في الابداع

يتمحور أغلب النقاش في هذه المقالة حول الأحاديث النبوية التالية وبعض الآيات القرآنية التي تدعم رأي أو موقف ذو علاقة بموضوع هذا البحث.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“كل محدثة بدعة،وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.” صحيح مسلم 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سنَّ في الإسلام سنَّة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء.” رواه أحمد ومسلم والترمذي

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ.” أبو داوود والترمذي، حديث حسن صحيح

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم،

اقتدوا باللذين من بعدي، أبوبكر وعمر.” سنن الترمذي وابن سعد

رؤية العلماء للبدعة

اختلف فقهاء المسلمين في تصنيف البدعة فالعديد منهم قسمها الى مستحسنة ورديئة، بينما رفضها آخرون بشكل قاطع. سوف يتم تقديم عددا من تعريف العلماء للبدعة وللقارئ ان يحكم ما الصحيح في هذا الموضوع.

علماء ناصروا الحداثة

العز بن عبد السلام (1181-1262)

شرح تلميذ الإمام الشافعي (العز بن عبد السلام ) المعروف بسلطان العلماء في كتابه “القواعد والأحكام، ” مفهوم البدعة بشكل دقيق ووصفها بأنها ابتداع أفعال لم تكن موجودة في حياة الرسول الكريم وقد قسمها إلى خمسة أقسام :

 البدعة المحرمة: ويتمثل هذا النوع في القضايا التي تمس قضية الإيمان والعقائد 1. وكمثال على هذا النوع وصف وتمثيل الله تعالى على صورة مادية: شكل أو هيئة.

2 البدعة المكروهة: أو غير المستحبة  كتزيين وزخرفة المساجد والمصاحف.

3 البدعة المباحة: ينطبق هذا الصنف على التجديد في طرق إعداد الطعام والتواصل ووسائل النقل. 

4 البدعة المستحبة: يتضمن هذا النوع كل المشاريع الدينية التي لم تكن معهودة خلال حياة الرسول الكريم كالمدارس والمعاهد الإسلامية،والطقوس الإيمانية كالتجمع لأداء صلاة التراويح خلال شهر رمضان،التي بدأها الخليفة عمر بن الخطاب. إضافة إلى ذلك مدارس التربية والتنشئة الصوفية التي نشأت في 675 كما ظهر أيضا علم النفس والفلسفة.

5 البدعة الواجبة: وقد اعتبر العز بن عبد السلام هذا النوع من التجديد واجباً، والذي يثاب فاعله، وإن تركه الجميع أثموا، وإذا فعله البعض كفى، وهو ما يعرف ب (فرض الكفاية). تطبق هذه البدعة لبناء الحياة، وشروط تفرضها الظروف المحيطة كالإساءة للدين أو عند تدهور وضع ما، مما يتطلب تدخلا لإنقاذ الموقف. مثال: جمع آيات القرآن وترتيبها في مصحف واحد.

وفيما يلي بعض الأمثلة التاريخية

كان عمر بن الخطاب، رضي الله عنه (634 -644) أول من جمع المسلمين على إمام واحد للصلاة في شهر رمضان بعد أن كانت تؤدّى في أحوال مختلفة،فكان بعضهم يصلي منفرداً،وآخرون في جماعات صغيرة،فأشار لأبي بن كعب كي  يؤم الناس في المسجد في صلاة الجماعة،وهو ما يعرف اليوم ب (صلاة التراويح). أخرج الإمام البخاري في الصحيح عن عبد الرحمن بن عبد القاري “خرجت معه ليلة والناس يصلون بصلاة قارئهم فقال عمر: نعمت البدعة هذه،والتي ينامون عنها (والمقصود هنا صلاة التهجّد) أفضل من التي يقومون يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله.

وهكذا استحدث عمر صلاة التراويح التي نعرفها اليوم وشجع المسلمين على تأديتها.

ظهرت بعد عدة سنوات من وفاة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بعض القضايا التي استوجبت حماية المقدسات: القرآن الكريم والحديث الشريف. هذه الحماية هي نتيجة الى الاعداد الكبيرة من الأعاجم الذين دخلوا الإسلام وأتوا من أراضي الفتوحات البعيدة. كما ضعف الإيمان في قلوب المؤمنين والذي دعا إلى إنشاء مؤسسات ومنظمات جديدة استجابة لمتطلبات وظروف تلك الفترة، منها: 

  • ترتيب الآيات القرآنية وتجميعها في مجلد واحد (632-634)
  • وضع النقاط ونظام تشكيل حروف وكلمات القرآن الكريم (688-746)
  • وضع قواعد اللغة العربية والإعراب (760-796)
  • وضع أصول علم الحديث،وسنن الرسول محمد عليه السلام (604-890)
  • وضع أصول علم العقيدة وأساس الإيمان والدين الإسلامي (767-855)
  • وضع أصول علم الفقه التفصيلي وأساسيات الدين  وهو العلم بالأحكام الشرعيّة المستنبطة من أدلتها التفصيلية كالقرآن الكريم والسنة النبوية، وظهور المذهب الحنفي والحنبلي والشافعي والمالكي (767-855)
  • إيجاد المذهب الصوفي،وإنشاء مدارس التربية الروحية،فالتربية هي تعليم وتأسيس وتدريب يتلقاه الطالب من قبل معلمين متخصصين في مجالاتهم،وتعتبر الصوفية مذهب من مذاهب التربية التي تدعو لحب الله تعالى والتقرب منه ومن رسوله الكريم وغرس قيم التقوى وخشية الله وتطهير النفس من الرذائل وتحليتها بالفضائل.
علماء تبنوا تعريف العز بن عبد السلام للبدعة

هناك العديد من العلماء الذين اتبعوا التصنيفات التي أوجدها العزّ بن عبد السلام  للبدعة في دراساتهم ومؤلفاتهم، ومن هؤلاء العلماء :الشهاب القرافي، (1228-1258)، وهو مالكي، والإمام النووي (1233-1277) في كتابه “طيب الأسماء واللغات،” وتلميذ الإمام المالكي الإمام الزرقاني (1645-1710)، والفقيه الحنفي محمد عابدين (1198-1252) المعروف بعمله، “حاشية ابن عابدين،” أو “رد المحتار على دُرْ المختار.”

الطبريّ (838-923)

في كتابه “تفسير الطبري للقرآن الكريم توجه للمسلمين قائلاً: “ابتدعتم صلاة التراويح ولم تكتب عليكم من قبل ويجب أن لا تعظموها لان بعض بني اسرائيل ابتدعوا امورا لم تكن مكتوبة عليهم ولكنهم عندما تركوها لاحقا أثموا على تركها ومن ثم قرأ آيات من سورة الحديد، ٥٧:٦٢.”  

الإمام الشافعي(767-820)

كتب الإمام البيهقي (944-1068) السيرة الذاتية للإمام الشافعي،مؤسس المذهب الشافعي والذي عرف البدعة فقال: التحديث نوعان، الأول يخالف القرآن الكريم وأهل السنة والجماعة، والمتفق عليه وهي بدع مكروهة، أما النوع الآخر فهو ما اتفق عليه أهل السنة والجماعة  وما هو متفق عليه بالأحكام وهذه هي البدعة الحسنة. 

الحافظ بن رجب الحنبلي(1358-1417)

الحافظ بن رجب هو مفكر وفقيه من أتباع المذهب الحنبلي، وفي كتابه “جامع العلوم والحكم” الذي تناول بين صفحاته شرحا وافيا للأربعين النووية عرّف البدعة قائلا:

هو الأمر المحدث الذي لم يقتضيه الدليل الشرعي، ويعتبر هذا التعريف دقيقا اكثر من تعريف ابن العز، كما يرى الدكتور ابراهيم. 

الحافظ بن حجر العسقلاني (1372-1449)

الحافظ ابن حجر الذي ألف كتاب “فتح الباري،” الذي تناول شرحا وافيا لصحيح البخاري، عرف البدعة بالطريقة نفسها التي عرفها بها ابن رجب.

الإمام أبو شمّة المقدسي

  توفي عام 1267 وهو معلم الإمام النووي. تناول تعريف البدعة في مجلدين كاملين وصنفها كبدعة مقبولة وبدعة مرفوضة.

الإمام أبو إسحاق الشاطبي

وهو من تلاميذ الإمام المالكي الذي أعطى في كتابه، “اعتصام،” المؤلف من مجلدين شرحا أوسع ومفصّلا ونقاشات حول البدعة تستحق دراسة معمقة أكثر. فلديه تعريفان أساسيان للبدعة:

1 ضَيِّقَة النطاق: طريقة في الدين أوجدت في الشريعة لإصلاح السلوك والعبادة. 

2 واسعة النطاق: طريقة ضمن القوانين الشرعية مصممة لتطبيق مقاصد الشريعة. 

شهاب الدين او الشماع الدمشقي (1202-1267)

وهو مؤلف كتاب “ابن عساكر” و “الباعث على البدع والحوادث” الذي قسم البدعة إلى نوعين :مقبولة ومرفوضة.

بدع قام بها الصحابة خلال فترة حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم

 خلال حياة النبي محمد عليه الصلاة والسلام قَدَم العديد من الصحابة اقتراحات وتجديدات والتي علم بها النبي وقبلها بكل بساطة ان من ضمنها إقامة الأذان لدعوة الناس للصلاة، والذي أصبح سنة ذات أهمية وجزء لا يتجزّأ من التطبيق العملي للإسلام. قال الدكتور إبراهيم موضحاً، “لم يكن الرسول عليه السلام ليقبل التحديث في الدين لو لم يكن محلّلاً ويعود بفائدة على الحياة والمجتمع. ثم أضاف، حتى الصحابة، نور الله عليهم، لم يكونوا ليجرؤا على المحاولة للتحديث في الدين إن كان النبي قد منعه. 

أمثلة عن السنن الصحابية: بعضها وافق عليها النبي والبعض الآخر لم يوافق

ا-     استكمال الأركان التي فاتت المصلي من الصلاة بعد فروغ الإمام من الصلاة وهي واحدة من أفضل السنن الصحابية في الإسلام، وقد بدأها الصحابي معاذ بن جبل في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم. فقد حدد ما على الشخص القيام به إذا فاتته أركان من الصلاة بعد الوقوف خلف الإمام، فقد قال معاذ بن جبل، عليه السلام  :

“إذا جاء أحدكم وقد سبق بشيء من الصلاة فليصل مع الإمام بصلاته، فإذا فرغ الإمام فليقض ما سبَقَهُ به.”

يقول الدكتور إبراهيم: قبل هذا التحديث، كان المسلمون يقومون بتعويض الأركان التي فاتتهم من الصلاة مباشرة بعد الوقوف خلف الإمام، ومن ثم يتمّون الصلاة مع الإمام حتى النهاية. فمن الممكن أن ترى أحد المصلين في حال الركوع وآخر في حال السجود وآخرين مع الإمام. ويؤكد هذا الحديث على أن النبي لم يخالف رأي معاذ. فعندما علم النبي سُرَ وقال :

“قد سن لكم معاذ فاقتدوا به.”سنن أبي داوود   

هذا الحديث يؤكد عدم منع النبي معاذ من التحديث، بل أظهر تأييده له ودعا المسلمين للبقاء على سنة معاذ. 

ب-     سنة صلاة ركعتين للأسير قبل الحكم عليه بالموت. طلب الأسير خبيب بن عدي قبل اعدامه صلاة ركعتين فأصبحت هذه سنة لأي أسير محكوم عليه بالإعدام. البخاري ومسلم. 

س-       بلال بن رباح سن سنة لنفسه. فقد ناداه النبي ذات مرة  فخاطبه فقال له “يا بلال بم سبقتني إلى الجنة؟ إني دخلت البارحة الجنة فسمعت خشخشتك أمامي.” فقال بلال، “يا رسول الله ما أذنت قط إلا صليت ركعتين وما أصابني حدث قط إلا توضأت عنده،” فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “بهذا.””

ت-     قراءة سورة الإخلاص وسورة أخرى في كل ركعة 

بعث رسول الله رجلا على سرية فكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم ب “قل هو الله أحد.” فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله فقال،

“.سلوه لأي شيء صنع ذلك؟ “فسألوه فقال: “لأنها صفة الرحمن عزّ وجلّ،فأنا أحب أن أقرأ بها .فقال الرسول :”أخبروه أن الله تعالى يحبه

ث-     أعز النبي عليه السلام دعاء أحد الصحابة، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:

كنت جالسا مع رسول الله في الحلقة وبجانبنا رجل قائم يصلي، فلما ركع وسجد وتشهد دعا فقال في دعائه، “اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حيّ يا قيّوم إني أسألك ..”فقال النبي لأصحابه أتدرون بما دعا قالو: الله ورسوله أعلم، قال: “والذي نفسي بيده،لقد دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى.” كتب السنة .

ح-        تسارع الملائكة لتدوين الحسنات عند الدعاء بالحمد والشكر لله. ففي احدى صلواته وبعدما وقف النبي بعد الركوع  قائلا،

“سمع الله لمن حمده، سمع صحابيا يرد على دعاء النبي، “ربّنا ولك الحمد، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه.”

فعندما انصرف من صلاته، قال من المتكلم، فرد الصحابي قائلا، “أنا يا نبي الله “فقال النبي رأيت بضعا وثلاثين من الملائكة يبتدرونها أيّهم يكتبها.” بخاري ومسلم

ج-   كان أبو سعيد الخدري مع بعض أصحابه في سرية بعثة النبي  وكانوا جياعا حتى نزلوا على حيٍّ من أحياء العرب

فاستضافوهم فلم يضيفوهم، فلدغت العقرب سيّد ذلك الحي فسعى أهل الحي لمداواته فلم ينفع شيء،فاقترحوا الطلب من أصحاب السرية أن يرقيه أحدهم مقابل أن يعطوهم من الشاة فقال أبو سعيد: ” والله إني لأرقى، ولكن استضفنا كم فلم تضيفونا فما أنا براق حتى تجعلوا لنا جعلا فصالحوهم على قطيع من الغنم مع انه ما كان يرقي سابقا. فلما رقاه برأ بفضل الله وقال: فكأنما أنشط من حبل عقال فانطلق يمشي وما به قلبة. 

قال :فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه،فقال بعضهم اقتسموا فقال الذي رقى :لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله، فَقَدِموا لرسول الله فذكروا له ذلك فضحك وقال،

وما يدريك أنها رقية؟” ثم قال، “لقد أصبتم. اقسموا واضربوا لي معكم  سهما.” رواه البخاري ومسلم وأحمد. 

لم يحلل النبي عليه السلام البدع المؤذية

لم يوافق النبي الكريم على بعض البدع التي قام بها الصحابة والتي كانت اجتهاداً من أنفسهم ولا توافق التعاليم الإسلامية.

فذات مرة كان النبي يلقي “خطبة” فرأى رجلاً يقف في الخارج في الشمس فسأل عنه من يكون فقيل له أنه أبو إسرائيل فسأل عن سبب وقوفه في الشمس فقالوا “لقد قطع عهدا على نفسه أن يقف دون جلوس،ويصوم عن الكلام،ولا يجلس في الظل ويمتنع عن الطعام “فقال لهم النبي عليه السلام “دعوه يلتجئ للفيء،ويجلس ويتكلم، ويكمل صيامه.” سنن أحمد.

هكذا نرى أن النبي عليه الصلاة والسلام اختار  ما فيه منفعة وخير للإنسان كالصيام الذي يعود بفوائد كبيرة على الجسم  والروح إضافة إلى المساعدة في حل المشاكل النفسية ومنع ما يمكن أن يؤذي ويعذب الجسد كالوقوف الطويل وخاصة تحت أشعة الشمس.  

علماء عارضوا التحديث :

من العلماء الذين رفضوا البدعة كان ابن تيمية (1263-1328) ومحمد بن عبد الوهاب (1703-1792)

آراء مؤيدة ومخالفة للتحديث

بنى العلماء الذين خالفوا التحديث في الإسلام  موقفهم على الحديث الوارد في صحيح مسلم، “كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.” انظر قاعدة التخصيص أدناه. 

قاعدة الصفة الكاشفة والصفة المؤثرة 

ضمن رفض المعارضي للتحديث لكل البدع، أيا كانت، نتيجة للحديث القائل:

 “.من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد” 

 معتبرين “ما ليس منه” أي شيء أو أمر لم يكن وقت رسول الله صلوات الله عليه. 

غير أن هذا الرأي غير صائب، لان هناك الالاف من الامور والاشياء لم تكن في عهد رسول الله. بالاضافة، يعقب الدكتور إبراهيم على قاعدة الصفة الكاشفة والصفة المؤثرة أو المنشئة التي اعتمدها علماء المسلمين، والتي تقول، إن الصفة الكاشفة تذكر مع موصوفها وتلازمه ولا تؤثر بالحكم أو المعنى. هي فقط زيادة لتبين الموصوف ولا تشكّل جملة شرطيّة لا يتم المعنى بدونها. فلو حذف “ما ليس منه” من الحديث، فهل يتغير المعنى؟ كلا. لهذا عبارة “ما ليس منه” صفة كاشفة ليس لها تأثير بحيث يختلف المعنى. مثل ذلك قول الله تعالى في سورة الأنعام، آية ٣٨ “وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم.” فلو حذف “يطير بجناحيه” هل يتغير معنى الاية؟ لا. 

أما الصفة المنشئة فهي التي يختلف الحكم بزوالها. مثلا، فلان قتل فلان عمدا. القتل العمد يترتب عليه أحكام ولها تأثير. لكن بحذف “عمدا” يختلف الحكم أو انشاؤه. فمعظم علماء الأمة هم الفريق الذي أيد البدعة والإبداع، هم من اتبعوا قاعدة الصفة الكاشفة في تفسير الحديث. 

الإدّعاء أن استحداث السنن في الدين معناه أن النبي لم يقم بعمله في الدعوة إلى الإسلام على أكمل وجه 

يقول العلماء الذين يعارضون التحديث أن ابتكار سنة جديدة في الدين لم تكن موجودة سابقا تعني أن النبي ربما غفل عنها ولا يعرف ما يتوّجب فعله وكيفية القيام به، وأن العلماء الذين يستحدّثون في الدين يعرفون به أكثر من النببي. ويتابع د.إبراهيم أن هذه الحجة ضعيفة جداً،فإذا كان النبي ترك أمراً في ديننا دون الحديث عنه، هذا لا يدل على أنه محرم أو مكروه،فالحكم الشرعي فيما يتعلق بهذا الرأي يقول، “كل شيء مسموح إلا إذا جاء نص شرعي يخالف هذا السماح.”

قاعدة: “عدمية العمل بشيء ليس دليل على تحريمه او كراهيته” 

القاعدة الأساسية للفقهاء فيما يتعلق بمسألة ما لم تكن أو تركت تعتبر أنها مدانة او مستنكرة. يقول الدكتور إبراهيم إن هذا الادعاء يقدم حجة واهية. إذا ترك الرسول شيئاً دون أن يتحدث عنه، فلا يعني تحريمه أو أنه غير مرغوب فيه. والواقع أن حكم الشريعة في هذا الصدد ه: كل الأشياء مسموح بها ما لم ينص على خلاف ذلك. فالنبي محمد لم يأكل لحم الضب، ولكن أكل لحمه حلال في الإسلام،هل رفض الرسول الكريم لأكل لحم الضب يعتبر تحريما؟ بالطبع لا، وفي مثال آخر: أتى رجل إلى النبي الكريم مع لحم اصطاده خلال أداء النبي لمناسك الحج،فرفض النبي الأكل من ذلك الصيد لأن الحاج لا يأكل من اللحم الذي اصطاده غير الحاج. وفي الحديث عن رسول الله صلوات الله عليه،

إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودًا فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء عن أشياء رحمة لكم غير نسيان، فلا تبحثوا عنها.” الدارقطني، البيهقي

لم يسمح النبي بالتجديد في طقوس الصلاة (الشعائر) 

روى الإمام البخاري,

أن أبا بَكْرة دخل المسجد بينما كان النبي يَؤم المسلمين في الصلاة وكان المصلون في الركوع،فركع أبو بكرة فور دخوله المسجد وظل يمشي وهو راكع حتى بلغ المكان الذي تؤدى فيه الصلاة وأتمّها خلف النبي. وعندما علم النبي بهذا الأمر قال لأبي بكرة، “زادك الله حرصاً ولا تعد.”

يظهر هذا الحديث أن النبي رفض التحديث الذي يمس طقوس الدين الجوهرية (العبادات ) لأنها تغير في الأركان الأساسية للصلاة.

قاعدة العام المخصص

كيف وافق غالبية العلماء على التحديث (الابتداع) وقسموه إلى أنواع مقبول ومرفوض وحتى واجب، إذ يقول النبي محمد “كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار?

فيما يتعلق بهذا السؤال يقول الدكتور إبراهيم أن العلماء الذين تقبلوا البدعة يقولون أن عبارة ” كل بدعة،” لا تشير إلى كل البدع وإنما غالبيتها. يعتمد هذا التفسير على القاعدة الفقهية التي تدعى، “العام المخصص.” أي الكلام بالكلية ولكن المطلوب هو التخصيص. بمعنى آخر، ليس كل البدع لأي مسألة أو كل المسائل في النار، ولكن معظمها. فبعض البدع حسنة موصى بها ومستحبة.

واعتمادا على عبارة “ما ليس فيه” في الحديث الشريف يكون التحديث مرفوضا 

واعتمادا على عبارة “ما ليس فيه” في الحديث الشريف يكون التحديث مرفوضا إذا لم يكن له أصل في الدين. أما إذا كان هناك جذور، توجيهات من الدين، غير مقيد، هذا يعني أن البدع مقبولة. وكأن هذه النتيجة تقول: اي شيء يخالف القواعد الأساسية للإسلام او له توجهات واضحة ضد الحداثة، يكون محرماً وسيكون مصيره النار. مثلا جعل شهر الصوم شعبان وليس رمضان، وجعل الصلوات الخمس المفروضة عشرا هو تغيير في الدين، وهو الذي يرمي إليه الحديث.

ثواب الابتكارات الجديدة وجزاء الابتكارات السيئة

بحسب د. إبراهيم فإن العلماء الذين اتبعوا ودرسوا التحديث،  بنوا قرارهم على العديد من الحوادث والتفاصيل في حياة الرسول الكريم وأقوال مأخوذة عنه. كمثال على هذا قول النبي.

 “من سن سنة حسنة في الإسلام فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده، دون أن ينقص شيئا ومن سنّ سنة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها من بعده

دون أن ينقص شيئا.” مسلم والترمذي.

يبين هذا الحديث أن الابتداعات الجديدة مباحة في الإسلام. والذين يعارضون البدعة يحاولون تأويل الحديث. فيقولون إن عبارة “من سن سنة حسنة ” تعني أن السنة كانت موجودة ولكنها مهجورة أو منسية وليست سنة جديدة.،ولكن وفقا للدكتور ابراهيم “هذا الادّعاء يشكل موقفاً ضعيفا، لأن النصف الثاني من الحديث يقول، “ومن سن سنة سيئة،” فهل يوجد   سنّة سيّئة في الإسلام؟  الحقيقة هي أن الحديث يتحدث عن البدع الجديدة التي لم تكن موجودة قبلًا في الدين.

،شجع النبي محمد أتباعه لممارسة سننه وسنن الخلفاء الراشدين فقال

عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ.” – مسلم، أبو داود، والترمذي

صُنف الحديث بأنه حسن أو جيد. مما يدعم الحجة بإمكان الخلفاء الراشدين لخلق السنن الصالحة في الإسلام التي من الممكن أن يُقرُ بِها الرسول الكريم. الاقتداء بأبي بكر وعمر يعني اتباع آلية إدارتهما بما في ذلك خلق الابتكارات الجديدة التي قدموها. قال النبي صلى الله عليه وسلم، أيضا: “اتبعوا بعدي، أبي بكر وعمر.” سنن الترمذي وابن سعد

قضايا معاصرة 

مما يجب علينا فهمه أنه من الحلول الي قدمها النبي صلوات الله عليه في القرن السابع الميلادي المناسبة لعادات وتقاليد ذلك العصر والظروف التي تحكمت فيه، ربما لا تصلح في القرن الواحد والعشرين، عصر السرعة والتكنولوجيا، حيث يشهد الإنسان بأم عينه تطور الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وكل متطلبات الحياة، والكل يتطلب من المسلم الليونة والابتكار السريع والإبداع في التخطيط والادارة.

كما أن الفتاوى التي صدرت في القرون الماضية قد لا تكون مفيدة. ربما كانت تلك الفتاوى قد صلحت لوقتها ومكانها جيداً، ولكنها قد لا تكون مفيدة في العالم المتقدم الذي يتطلب حلولًا تتناسب مع صناعاته وسرعة النمو في الاقتصاد والحياة الاجتماعية والسياسية والمتغيرة باستمرار.

الحاجة للتخطيط المتقدم

 المسلمون اليوم كجميع الامم الاخرى بحاجة الى تخطيط مماثل للمجتمع الذي يشاركون الحياة فيه. كرسم الخطط التفصيلية للطرق لأعمالهم والإدارة الرشيدة للتجاوب مع الحياة المزدحمة والسريعة الخطى. على المسلمين تقديم ابتكارات وحلول لشتى أعمالهم، والرعاية الصحية، وشؤون الأسرة، والأعمال التجارية. ففي أمريكا مثلا المسلمون ملزمون بحجز مراكز معدة للمؤتمرات الكبيرة قبل ثمانية إلى عشرة أشهر لاستيعاب الحشود التي تحضر صلاة العيد واحتفالاته. علما بأنه ليس بالإمكان حجز أي مكان من هذا النوع إلا بشهور عديدة قبل استعمالها. وفي ظل هذه الظروف، يُطلب من المسلمين استخدام طريقة علمية للوصول إلى التواريخ الصحيحة لبداية ونهاية شهر رمضان أو توقيت الأعياد.

في كثير من الحالات الانتظار حتى الليلة التي تسبق العيد أو بداية شهر الصيام لإعلان المناسبات يكون متأخراً للقيام بالطقوس أو الاحتفال بشكل صحيح لموظف أو عامل بحاجة لطلب الإجازات من أصحاب العمل للمشاركة في الأعياد. 

ينطبق هذا المعيار بشكل متساوٍ على طقوس الحج. فإجراء حجوزات الطيران والفنادق اللازمة لأداء فريضة الحج إلى مكة المكرمة، لا يسمح للمرء الانتظار حتى بداية شهر ذي الحجة حتى يبدأ بالحجوزات. حيث في ذلك الوقت تعلن السلطات الدينية في المملكة العربية السعودية رسمياً موعد الحج. الانتظار الى ليلة أول ذي الحجة لكثير من الناس حول العالم لإجراء ترتيبات الحج وحجوزات الفنادق، هو عبارة إخفاق وفوات الاوان والفرص للقيام بالفريضة. في هذه الأيام، يجب أن يكون تاريخ الحج متاحاً للحجاج حول العالم قبل ثلاثة إلى أربعة أشهر، على الأقل، لمواكبة الحياة.

يسروا ولا تعسروا،أُُسلكوا ما فيه اليُسر والسهولة، وابتعدوا عن الشيء الغير قابل للتنفيذ وإعاقة لامور الحياة. ابتعدوا عن الصعوبات، شجعوا الإلهام ولا تُثبِطوا وتُحبِطوا العزائم، هكذا أراد منكم رسول الله، القائل:

يسِّروا ولا تعسِّروا، وبشِّروا ولا تنفِّروا.” – البخاري ومسلم

للحصول على معلومات مفصلة حول موضوع تحديد الأشهر القمرية، راجع مقالتنا، “حكمة النبي في تحديد الشهور القمرية. “ 

سفر النساء 

لن نتوقع من الناس اليوم أن يتبعوا قواعد السفر التي وضعت في الظروف القاسية والخطيرة التي حكمت الصحراء العربية في القرن السابع الميلادي. يتوفر اليوم العديد من وسائل النقل المتوفر فيها أنظمة السلامة والأمن والتي تسمح للإناث بالسفر عبر العالم دون الأوصياء والتي كان لها ضرورة في أنظمة النقل والاتصالات البدائية في شبه الجزيرة العربية عندئذ. بالطبع، هناك دائما استثناءات؛ ويجب على المرء استخدام العقل والطرق الامنية لإدارة حياته وفقًا لذلك.

 تجديد الإيمان في قلوب المسلمين

قدم المسلمون منذ بداية الدعوة الإسلامية مخططات للتغلب على المشاكل التي تعرقل تقدمهم ومعرفة نقاط الضعف ومواجهتها. فالمسلمون اليوم بحاجة ملحّة لإحياء الإيمان، وترسيخ المبادئ العقلانية، واستئصال جذور الجهل والتطرف من هذا العالم،يؤمن مؤلف هذا المقال انه في قرننا الواحد والعشرين،يجب أن توضع الحلول لإعادة غرس الإيمان الذي بدأ يضعف في النفوس يوما بعد يوم،وتعزيز الخشوع والأخلاق والتقوى،في قلوب وعقول الناس، يجب على كل فرد في المجتمع أن يشارك في دفع عجلة مجتمعنا للتقدم للأمام نحو الأمان والحضارة،وإبعاده عن التخلف والجهل

إستنتاج 

في الختام، لفهم الطبيعة المتطورة للإنسان وارتباطه بالإسلام القائم  في ولكل العصور، لا يسع المرء إلا أن يقول إن في استمرار الحياة وتطورها، يبدو الابتداع ملازم للإيمان الحقيقي والأمر الذي لا مهرب ولابد منه. مرة أخرى، في الحديث النبوي “من أحدث في في أمرنا ما ليس فيه فهو رد،” يُستَنْتَج بسهولة أن أي بدعة تم إنشاؤها في الدين، وليس من أجل الدين هي بدعة يجب رفضها، وليست البدعة التي غرضها من اجل الاسلام والدين. واليوم، على سبيل المثال، يعد انتهاك المعايير الإسلامية حقاً بدعة في الدين ومخالفة لتعاليم الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، في حرمة النفس البشرية وتحليل قتل الأبرياء من المسلمين وغير المسلمين على حد سواء.  انظر مقالاتنا “السياسة الخارجية للإسلام تجاه غير المسلمين” و “تحريف المبادئ الإسلامية. “

وبالمثل، فإن جعل صلاة الفجر ثلاث ركعات، بدلاً من الركعتين الفعليتين، هو حقا ابتكار في الدين وهو رد، لكن إنشاء فيلم وثائقي يعرض شخصية النبي محمد للعالم لا يمكن إلا أن يكون شيء من أجل الدين، لا في الدين. يجب أن نقرأ التنقيط  في حروف القرآن وكلماته وعلامات الترقيم، لامكان قراءته وفهمه بشكل صحيح، بدعة جيدة للدين، وليست في الدين.

في أحد اجتماعات مجلس الشورى الإسلامي بجنوب كاليفورنيا سئل الدكتور مزمل صديقي* سواء كان المولد النبوي بدعة أم لا، أمام ما يصل إلى 200 إمام من المسلمين، فكان جوابه، “انا سالت علمائنا في المملكة العربية السعودية هذا السؤال فكانت إجابتهم: “ليست بدعة، لأن المراد من المولد النبوي ليس ابتكار في الدين، بل هو ابتكار من أجل الدين.”

يقوم علماء المسلمين في الماضي والحاضر والمستقبل بإصدار فتاوى وأحكام استجابة للظروف المحلية، ذات الصلة بالأوضاع الاجتماعية والسياسية والثقافات التي يعيش فيها المسلمين. وهي تمثل الإجابة لمعالجة المشاكل المرتبطة بها.

لا يمكن للإسلام أن يُؤخَذ من فتاوى تأثرت بالظروف السياسية والاجتماعية في القرون الماضية. فتلك الفتاوى لا تعمل للظروف والقضايا التي تواجه المسلمين في القرن الحادي والعشرين. حتى أطباء الأعصاب يُتَعَينُ عليهم زيادة معايير معدل الذكاء السنوية، المعروف بIQ، لتتناسب مع الصناعة المتقدمة والاختراعات الجديدة التي تؤثر على الحياة الاجتماعية والسياسية والدينية في الفكر والعقول. يجب أن يكون هناك حلول ومؤسسات جديدة لتحليل وحل انحراف المسلمين عن مسارهم وتدهورهم.

* الدكتور مزمل صديقي، عالم مسلم، عريق في علمه وذو شهرة عالمية. من بين المناصب العديدة التي شغلها:  رئاسة مجلس الشورى لجنوب كاليفورنيا، والرئيس السابق ل- ISNA والمجلس الفقهي لأمريكا الشمالية، كل على حدة و لعدة فترات. يشغل حالياً منصب رئيس مجلس الشورى الإسلامي لجنوب كاليفورنيا والجمعية الإسلامية لمقاطعة أورانج.


Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.