ما علمني شريط الرئيس الأسبق للعراق صدام حسين رحمه الله

Sadam Hussein

الكاتب: فيصل برهان
تدقيق: ماجد زيتون
تاريخ النشر: ٢٠٢٠


بعد مشاهدتي للفيديو المصاحب لهذا المقال والذي يتحدث عن بعض الخصائل النزيهة لصدام حسين رحمه الله، شعرت بالخديعة والضياع وعليه تقصيت بعض المعالم الدينية في خطورة الحديث العشوائي او المفتعل من قبل الطابور الخامس في تضليل الراي العام وما يترتب عليه في فساد الامة. فمن الحديث ما هو بهتان في أصله، ومنه ما هو مبني على الظن، ومنه ما هو افتراء للتضليل ونزع الثقة من بين افراد المجتمع.، الامر الذي يؤدي تفكك المجتمع وانهياره.

 

 الحديث من أصله كذب 

ليس كلُ ما يُسمع يُنشر ويُذاع. فقد يختلق الانسان الكذب لأغراض شخصية ولو على حساب تضليل وخداع الاخرين من أبناء قومه. وهذا ما يتنافى مع قواعد مكارم الاخلاق حيث انه يؤدي الى تفكك وانحلال المجتمع.
“إياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي الى النار.” هذا ما حذرنا منه نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام. فهو يبين لنا أن خطر من يتبع سبيل الكذب فإنه يطرق بذلك باب العذاب والشقاء في نار جهنم؟ ولقد صرح رسولنا الكريم ص ان” المؤمن لا يكذب.” جعلنا الله ممن لا يُخَيب ظن رسول الله بهم؟
الكلمة التي يَتَلَفظ بها الانسان محسوبة عليه وهذا ما يُوَضحه البيان الإلهي في القرآن الذي ما هو إلا هدى للناس: “إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا.” الاسراء ١٧. وهذا من نفهمه من كلام سيد المرسلين عندما سأله معاذ بن جبل رضي الله عنه: “يا نبي الله وانا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال رسول الله :ثَكَلتك أُمك، وهل يكب الناس على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم.” الترمذي
فمن ذلك يجب علينا الحذر الشديد في عدم نشر كل ما يسمع ويقال إلا بعد التحقق والتبيان.

 

الحديث مبنيا على الظن
الظن واليقين مفهومان متناقضان فأما الظن فهو مبني على الشك والاشتباه بالأمر وأما اليقين فهو مبني على العلم القطعي الذي لا يُراوده لُبسٌ أو شك في الأمر. لذلك عندما نسمع كلاما يجب علينا التحقق من صحة هذا الكلام على وجه القطع واليقين، بعيدين عن الظن والتخمين حتى لا نقع في الظلم والإثم. ولذلك جاء هدى الله بقاعدة جوهرية لهذه الآفة،
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ …….أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين
فان كان الحديث ظنا، غير َمأخوذاً من منبعه، فإنه يحتمل وجوهاً كثيرةً وقد تكون بعيدة عن الصواب وحقيقة المراد من القول
مما يؤدي الى ضلال وتضليل والى ما لا يحمد عقباه.
“اياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث.” ما اوصانا به رسول الله. وفي موضع آخر من البيان الإلهي ترى كيف يحذر الله عز وجل الناس الذين خاضوا بغير علم في حديث الافك، بأنه أمر خطير وعظيم: “إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ.”
ومن هنا تبدو حكمة رسول الله ص في قوله: “كفى بالمرء [اثما] كذبا ان يحدث بكل ما سمع.” مسلم
ولهذا يجب على كل من يسمع بخبر أو حديث أن يتحقق ويتثبت من الأمر قبل ان ينشره، والأخطر ان يتبناه ويبني عليه أمور لا تحمد عقباها، كما يفعل بعض الناس من أمثال الطابور الخامس. من هؤلاء من يفترون الكذب او يحملون خبر الظن دون التحقق من جوهره وهو أهون عليهم من استنشاق الهواء، أو كما يفعل البعض الآخر بنشر الخبر وهم على عِلم بظنيته أو بسوئه متبعين أهوائهم فيضلون ويضللون. مثلهم كمثل أولئك الذين قال فيهم الله عز وجل:
“إنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ.” النجم ٥٣
كما قال أيضا:
“إنَّ الذين يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الفاحشة في الذين ءَامَنُواْ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ في الدنيا والأخرة ۚ والله يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ.” النور ١٩

 

 التثبت في الامر

يبين القرآن الكريم في سورة الحجرات بياناً واضحا جليا في ضرورة التثبت من الأمر قبل اصدار أي حكم أو قرار:
: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِين” َالحجرات. الاثبات هو التأكيد مع الدليل والقطع في امر ما. ولذلك فإن القضاة في المحاكم لا تصدرا أمراً إلا بعد القيام بإجراء يدعى الإثبات. وهكذا كان منهاج النبي صلى الله عليه وسلم في العمل. تقول ام المؤمنون عائشة رضي الله عنها، “وكان آل بيت محمد إذا عملوا عملا أثبتوه.” وصدق من جاء رحمة للإنسانية اذ يقول “التأني من الله، والعجلة من الشيطان.” البخاري ومسلم

 

المرء مسؤول عن كل حديث يَتَلفظ

يوم يوضع الكتاب والميزان يجد المرء كل صغيرة وكبيرة وحتى خلجات نفسه مكتوبة امامه. وهو لهذا سوف يحاسب عن كل خلجه او همسة، او حركة كان قد فعلها ان كانت خيرا فخير سيجزى به وان كانت شرا فشر سوف يرى عاقبته، فالأمر خطير وخطير جدا. فرب كلمة من سخط الله تعالى يَتَلَفظ بها المرء فتهوي به في جهنم سبعين خريفا. وهذا ما وعظنا به رسول الله ص:
“إنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ سبعين خريفاً.” البخاري
وينطبق على هذا كل فعل أو عمل يؤدي الى نفس النتيجة من فساد او فتنة. كل سائل التواصل الاجتماعي التي تنتشر اليوم بكثرة والتي يجب فيها توخي الحذر والحيطة في كل ما ينقل وينشر، لا بل وهي أكثر خطورةً من غيرها من الوسائل الأخرى لسهولة وسرعة تداولها بين الناس. فأي كلمة سيئة أو مغلوطة ممكن وخلال وقت قصير ان تصل او تُرى من قبل الألاف أو الملايين فتفعل ما تفعل وتفسد ما تفسد وتزرع الظنون والشكوك في رؤوس الكثيرين فيحمل المرء من الإثم اضعافا واضعافا.
يعلمنا نبي الهدى صلوات الله عليه عن المفلس فيقول: يعلمنا نبي الهدى صلوات الله عليه عن المفلس فيقول:
“أتَدرونَ ما المُفلِسُ؟ إنَّ المُفلسَ من أُمَّتي مَن يأتي يومَ القيامةِ بصلاةٍ وصيامٍ، وزكاةٍ، ويأتي وقد شتَم هذا، وقذَفَ هذا، وأكلَ مالَ هذا، وسفكَ دمَ هذا، وضربَ هذا، فيُعْطَى هذا من حَسناتِه، وهذا من حسناتِه، فإن فَنِيَتْ حَسناتُه قبلَ أن يُقضَى ما عليهِ، أُخِذَ من خطاياهم، فطُرِحَتْ عليهِ، ثمَّ طُرِحَ في النَّارِ.” مسلم
فأنت إذا أعنت على زرع الفتنة ونزع الثقة بين الملايين من البشر انما تشارك في فسد المجتمع وهضم حقوقه الأمنية. وعليه فتحمل أوزار كل أولئك الذين تأثروا من هذه الفتنة ورفع الامن. البلبلة ونزع الامن يعطل أهم وظائف الإنسان وهي خلافة الله في الارض لإعمارها ونشر الخير فيها. ومما يساعد على تحقيق هذه الوظيفة ان يعمل كل انسان من موقعه وبحسب قدراته آخذا فقط ما يعنيه وتاركا ما لا يعنيه، وهذا ما ارادنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم اتباعه، “من حسن اسلام المرء تركه مالا يعنيه.” الترمذي

 

دعوى انابة

عظمة الخطب في اغراق امة الى الحضيض كبير وكبير جدا كما هو الحال في سورية على سبيل المثال. كم انتهكت حرمات الله تعالى وهضمت حقوق للبشر؛ كم دمرت منشأة وبنيا تحتية؛ كم قتل من الأطفال والنساء الأبرياء؛ كم من نفوس قتلت او ذبحت ظلما وعنوة؛ كم نزحت أمم وهجرت الاوطان امم أخرى؟ من سَيحاسب عن المصائب والانين والصراخ لمئات الألوف من البشر؟ فهل اي من الحقوق المنتهكة لكلٍ من تلكم المآسي والفواحش يضيع عند الله؟ كلا. فإن الله، وهو الحكم العدل خَلَقَ الخلق والسماوات والأرض بنظام واحد سماه “الحق.”
“وما خلقنا السماوات والأرض الا بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون.”
“إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ”
إذا كان الرجوع عن الخطأ فضيلة، فالكف عن تشقيق الامة وايذاء الناس والكف عن المحارم أفضل.
 “ام حسب الذين اجترحوا السيئات ان نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء، ساء ما يحكمون. أفرأيت من اتخذ إلهه هواه واضله الله على علم وختم على سمعه وبصره، فمن يهديه من بعد الله، افلا تذكرون.”
وإننا لنسأل الله تعالى ان لا يجعلنا ممن وصفهم رسوله ب “اقماع القول،” نسمع وكأننا لم نسمع، نصر ونعود لنرتكب نفس المعصية وكأننا لم نسمع. وعليه وعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سوء عاقبة كل من يصر على المعصية بعلم قائلا:
“ارحموا تراحموا، واغفروا يغفر الله لكم، وويل لأقماع القول، وويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون.”
باب الرجوع عن الخطأ والذنب مفتوح لكل من هو على قيد الحياة. والتوبة النصوحة فيها من الصدق في التوبة والإخلاص، تبدأ شعوريا من الداخل، ثم نفسيا وعقليا ولتسري الى الجوارح والاعضاء فتمنعها من اتخاذ أي عمل فيه غضب الله تعالى.
‏57:16 “الم يان للذين امنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين اوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الامد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون. اعلموا ان الله يحيي الارض بعد موتها قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون.” ٥٧:١٦
وخالص القول هو تقدير مدى خطورة ترديد الحديث الذي لا علم للمرء فيه او في أصله وخطورة ذلك في تفتيت الامة ونزع الامن والثقة فيما بين افرادها وحكوماتها، مؤسساتها ومنظماتها مما يحبط او يعطل نشاط الفرد والمجتمع والحكومة معا. الوِزر المترتب لكل من يتعدى على موازين الله في خلقه هو خزي وحطب في نار جهنم. نسأل الله تعالى ان يعيننا على اجتناب الحديث الشر والعمل السوء، ويجعلنا لأوطاننا واهلنا من المخلصين البنائين لا الهدامين، آمين.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.