قصة دخول الغلو والعنف في الاسلام
بقلم إيمان احمد برهان
الخلاصة
دخل الغلو والتكفير والقتل وتخريب البلاد الى المسلمين جراء العقائد السلفية والوهابية المنحرفة. ويمكننا القول من العقيدة الوهابية بالذات، لأن محمد بن عبد الوهاب انتقى من تشدد عقيدة ابن تيمية وأضاف، وابن تيمية انتقى المتشدد من عقائد الحنابلة وأضاف، وأحمد بن حنبل انتقى من عقائد أهل السنة وأضاف، وأهل السنة انتقوا من عقائد (المسلمين) وأضافوا. الحاصلة: اغتيالات، انقلابات، ذبح وقتل الأبرياء. ومن التوابع تدمير الممتلكات والتحتيات. وفي كل ما سبق هضم للحقوق الأمنية للملايين من البشر.
فالإسلام الذي هو دين وسطية ورحمة وسماحة لكن تغيرت صورته. فنتيجة لضغط السلطات السياسية والتعمق الروائي في الأحاديث والسنة لدى سلسلة من العلماء بدأ يظهر إسلام مذهبي متشدد. هذا الإسلام الروائي بني على تأويل للأحاديث والسنة ووضع قواعد دينية، وتعريفة “بالاجماع” او “بإجماع السلف.” أخذ هذا الإسلام المنكوس طريقا معاكسا تماما للوسطية والسماحة نحو الغلو والعنف.
وقصة اليوم تحكي لنا من خلال الدراسة للتاريخ الفكري كيف بدأ تسلل العنف وكون إسلاما شكليا جديدا فيه من الفساد والبغضاء والتكفير وتخريب البلاد والعباد. هذه القصة مستوحاة من كتاب الباحث والمفكر الاستاذ حسن فرحان المالكي في كتابه، لمحة تاريخية مبسطة عن المالكية والسلفية والوهابية.
البحث
الغلو في اللغة هو الإفراط والمبالغة والتطرف وهذا بدوره دافع للعنف.
من خلال دراسة تحليلية للغلو في التاريخ الفكري لدى علماء المملكة العربية السعودية المنتحون العقيدة السلفية والوهابية، رسم الباحث حسن فرحان المالكي خريطة تحكي لنا طبيعة المذهب السلفي والوهابي وكيف اتخذ من أوجدهم العنف عقيدة لهم. هذه الدراسة هي نتيجة أولية لنشوء الأستاذ المالكي في البيئة السلفية الوهابية في المملكة. فقد انطلق بحثه من القراءة الفكرية لعلماء المملكة الحاليين تراجعيا إلى أحمد بن حنبل. من قصته هذه يبدو جليا دخول العنف والمغالاة في إسلام مذهبي منحرف.
من ضمن التحقيقات التي وصل إليها المفكر المالكي أن علماء المملكة انما هم من تعلم الفقه الحنبلي التميمي (تبعا لابن تيمية) والوهابي، تبعا الى محمد بن عبد الوهاب. أما المذاهب الأخرى كالشافعية والحنفية والمالكية، والجعفرية والزيدية والاباضية، والتي تمثل أكثر ٩٧٪ من المسلمين فهي في نظرهم، مذاهب خارجة عن الاسلام ولا تحل دراستها ولا اتباعها.
يشير الباحث المالكي أن المذهب الحنبلي الفقهي الحالى لم يأتي من أقوال الإمام أحمد نفسه سواء في كتبه أو كتب تلاميذه – على تحفظ في مسألة أن يكون لأحمد مذهب في الفقه – وإنما من كتب المتأخرين (المختصرات) كالمقنع وزاد المستقنع، أو مما نقله ابن تيمية عن الحنابلة – وابن تيمية محل خلاف داخل الحنابلة أنفسهم في تقييم دقته في نقل المذهب الحنبلي – إضافة إلى أخذهم من فقه ابن تيمية الذي انفرد به عن أحمد، فقد أخذ علماء المملكة من فقهه أشياء مهمة كالقول بأن صلاة الجماعة شرط من شروط الصلاة، وقتل من جهر بالنية، ومسألة الطلاق، وغيرها. ولابن تيمية اجتهادات وانفرادات ليس عليها الإمام أحمد، وبعضها ليس عليه الأئمة الأربعة.
لقب أهل السنة والجماعة والسلفية
ثم تحدث الباحث المالكي عن أي من هذه الفرق تمثل أهل السنة والجماعة. ولو نظرنا الى لقب أهل السنة والجماعة، الذي طالما أطلقه السلفية على مذهبهم، لوجدنا ان كل الطوائف الاسلامية اعتبرت نفسها هي من تمثل أهل السنة. غير ان هذا اللقب استحوذ عليه الاشاعرة (المالكية والشافعية والأحناف) والحنابلة. كما أن لقب “السلفية” محل تنازع في التفسير لا في الاسم. فإن علماء المذهب السلفي لا يدعون أنهم أشاعرة في العقيدة بل هم يذمون الأشاعرة ويبدعونهم ويعدونهم من الفرق الهالكة يوم القيامة.
فما بقي إلا كونهم “حنابلة” ويستطيعون أن ينسبوا لأحمد بن حنبل ماعجزوا عن نسبته إلى السلف من الصحابة والتابعين. إذن فهم “حنابلة” في الأصل، رغم أنهم منتسبون إلى الألقاب المتنازع عليها كأهل السنة والسلفية لكننا نجدهم لا يتسمون ب”الحنابلة” إلا من جهة الفقه فقط.
أما من جهة العقيدة فإنهم يتسمون أو يتلقبون بالألقاب الأكثر سعة كأهل السنة والجماعة والسلفية ربما لأنهم يريدون أن يثبتوا أنهم هم أهل سنة فقط وغيرهم مبتدعة وإن انتسبوا للسنة وأنهم أتباع السلف الصالح من الصحابة والتابعين وإن انتسب غيرهم للسلف الصالح من صحابة وتابعين. لكن بما أنهم يرون أن الإمام أحمد هو إمام أهل السنة وأن عقيدته ومدرسته سنية سلفية فهم حنابلة في العقيدة مادام أن الحنابلة سنة وسلفية فلا ضير في نسبتهم إلى أحمد عقيدة وفقها لقلة من ينازعهم على هذا اللقب، وكثرة من ينازعهم على الألقاب الأخرى العامة. لكن هل هم حنابلة في العقيدة؟ وهل الحنابلة في العقيدة مذهب أم مذاهب؟
سؤال لا يعرف دقته إلا من قرأ المسيرة الحنبلية عندها سيعرف أن الحنابلة مذاهب وتيارات فمن أي هذه التيارات أتت المدرسة الحنبلية التي ينتمي إليها علماء السلف اليوم؟ انها مدرسة ابن تيمية.
الفرق الحنبلية
“العقيدة الحنبلية” تنازع فيها فريقان من الحنابلة المتفقين في الفقه والمختلفين في العقيدة. ثم جاء فرقة ثالثة وهي فرقة ابن تيمية خالفتهما معا في العقيدة في أمر هوعندها لب العقيدة وهي مسألة القبور وتوابعها من تبرك وتوسل وتعظيم وصلة عندها. وبما أن هذه المسألة (القبور والصالحين والتبرك) هي من صلب العقيدة عند ابن تيمية فلابد أن تكون كافية لجعل التيمية فرقة مستقلة رغم أنها تلتقي مع الحنابلة في كثير من العقائد كالصفات والرؤية والصحابة والقدر، الخ. أما الفرقتان المتنازعتان القديمتان الحنبليتان:
فالأولى: حنابلة هم أقرب للأشعرية كابن الجوزي فهو حنبلي اتفاقا من حيث الفقه، ولكنه من حيث العقيدة هو من المنزهة (ينزهون الله عن التجسيم. ضد المجسمة وهم فرقة من الحنابلة). وكونه من المنزهة أنكر بعض الحنابلة حنبليته في العقيدة وإن أقربها في الفقه، وعلى كل ففيه خلف هل هو أشعري ينتسب لأحمد أم حنبلي ينتسب لأحمد، فهو ينتسب لأحمد ويقول عن نفسه حنبلي ويكتب في مناقب أحمد ويصنف في الفقه الحنبلي ويقول إن أحمد كان مثله منزها فابن الجوزي، بالإجماع، منزه ومؤول سواء كان هذا التأويل هو مذهب أحمد أو مذهب الأشعري ومن قرأ كتابه دفع شبه التشبيه وجده مؤولاً في العقائد بوضوح وقد كان لهذا الشيخ الحنبلي المنزه صولة في القرن السادس ثم اضمحل مذهبه شيئا فشيئا إلى أن قضى عليه ابن تيمية في القرن الثامن.
الثانية: حنابلة هم أقرب للكرامية كالحنابلة المتقدمين من تلاميذ أحمد كعبد الله بن أحمد والمروذي والدارمي قبل 300 ه ثم تلاميذهم كالخلال والبربهاري بعده ثم تلاميذهم كابن بطة قبل 400 ه ثم تلاميذه كابن حامد على رأس 300 ال 400 ه ثم تلاميذه كأبي يعلى 458 ه وهم أغلبية الحنابلة المتقدمين ومن قرأ كتبهم في العقائد يجدهم مشبهة (الذين شبهوا الله تعالى بإنسان) وقد تم استعراض ذلك في أبحاث سابقة وهذه الحنبلية انتصر لها ابن تيمية إلا في مسألة القبور وتوابعها.
الثالثة: حنبلية ابن تيمية. أما كيف ظهرت ؟
فنقول: الحنبليتان السابقتان حنبلية ابن الجوزي وحنبلية المتقدمين – مع اختلافهما القوي في الصفات (صفات الله) إلا أنهما يتفقان في الفقه وفي التصوف – وأما الصفات فقد انتصر ابن تيمية لفرقة الحنابلة المتقدمين وقضى على ما تبقى من حنبلية ابن الجوزي كما سبق. وأما التصوف ومسألة القبور فقد كانت منطقة الإفتراق بين ابن تيمية والمذهبين الحنبليين السابقين كليهما.
ومن هنا نشأت الفرقة الحنبلية الثالثة وهي التيمية وهذا اللقب معروف عند كثير من المؤلفين في العقائد إذن فليس الحنابلة على مذهب واحد في العقيدة. ومن حسن الحظ أننا نستطيع اليوم أن نقول هذا باطمئنان لأن كتب هذه الفرق الثلاث مطبوعة متوفرة وهي مختلفة في العقائد يرد بعضها على بعض ويضلل بعضها بعضا ويبدعه.
إذن فليس عندنا الرغبة في تقسيم المقسم وإنما هذه حقيقة. الحنابلة أنفسهم مختلفون في العقائد. وانتقل هذا الاختلاف من التبديع في عهد ابن الجوزي إلى الحكم على الفعل بالشرك في عهد ابن تيمية إلى تبادل التكفير الصريح بين علماء الحنابلة في عهد الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومدرسته. فمن يقرأ مناقب أحمد لابن الجوزي الحنبلي المؤول المنزه يجده معظما لمسألة القبور وتوابعها ومن يقرأ آراء الحنابلة المتقدمين (المشبهة المثبتة، أي أن الله أشبه بآدم) في التراجم يجدهم معظمين لمسألة القبور وتوابعها بل بعضهم موغل في التصوف إلى القول بوحدة الوجود كالهروي الحنبلي.
ومن يقرأ كتب ابن تيمية يجده مستنكراً لمسألة القبور وتوابعها ففارق ابن تيمية في هذه المسألة المذهب الحنبلي كله بمعنى أن الحنابلة كلهم كانوا على إقرارها والعمل بها. فلا يجوز لعلماء المملكة أن يقولوا نحن حنابلة في هذه المسألة التي هي عندهم من نواقض الإسلام. فكتب الحنابلة وتراجمهم وفتاواهم مليئة بهذه المسائل التي يراها علماء المملكة من نواقض الإسلام وقد ذكرت الشواهد من اعتناق الحنابلة المتقدمين لهذه النواقض في أبحاث سابقة لا داعي لإعادتها. وهذا لا يعني أن ابن تيمية أو الوهابية أخطؤوا في هذه المسألة أو أصابوا أو كان لهم نسبة من الصواب ونسبة من الخطأ فهذا التقييم ليس هنا مكانه وإنما نسجل هنا أن ابن تيمية تميز عن الحنابلة في هذه المسألة وانفرد بالتشديد في إنكارها والحكم بالشرك والكفر على فاعلها وتابعته الوهابية، التي منها علماء المملكة، على تفصيل سيأتي محله.
فابن تيمية اتفق مع حنبلية ابن الجوزي في الفقه فقط، واتفق مع حنبلية المتقدمين في الفقه والصفات معا ولكنه اختلف مع الحنبليتين في موضوع القبور والتبرك والتوسل. من هنا قلنا أن ابن تيمية له مذهب في العقائد يختلف عن الحنابلة كلهم في هذه المسألة. فهل تابع الوهابية ابن تيمية في الحكم على معظمي القبور وأصحاب التبرك والتوسل بالصالحين بالبدعة والضلالة وربما الشرك؟ أم توسعوا في أمور زادت على ما ذهب إليه ابن تيمية؟ وإذا فعلوا ذلك فهل علماء السلف في المملكة اكتفوا بوصف الفعل كما فعل ابن تيمية – في الغالب – أم فرعوا وتوسعوا وأضافوا كما فعل الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومدرسته؟ الصواب أنهم تابعوا الشيخ محمد ومدرسته على هذا التفريع والتوسع حتى أدخلوا في الشرك أموراً كثيرة لا صلة لها بالخطأ فضلً عن الشرك.
فابن تيمية لم يعرف المذهب الفقهي من أقوال الإمام أحمد نفسه سواء في كتبه أو كتب تلاميذه إنما عرفوها من كتب المتأخرين -المختصرات كالمقنع وزاد المستقنع – فقد كان ابن تيمية جريئا في إطلاق الشرك والكفر والردة ثم الفتوى بوجوب القتل لمن هذه حاله بعد الاستتابة والبيان وقتل من جهر بالنية في الصلاة وغيرها اجتهادات وانفرادات ليس عليها الامام احمد وبعضها ليس عليها الائمة وعندما تسمع بالسلفية الجهادية او السلفية للدعوة والقتال. ومن هنا نعلم سر اختيار الشيخ محمد بن عبد الوهاب لمدرسة ابن تيمية دون غيرها من مدارس الحنابلة العقدية، فضلًا عن مدارس السنة. لقد اختار مدرسة ابن تيمية وجلبها إلى نجد لأجل هذه العقيدة ضد أصحاب القبور والتوسل والتبرك والتصوف فقط.
وقد كانت كتب ابن تيمية (الفقهية لا العقدية) محل اهتمام عند حنابلة نجد…وبما أن كتب ابن تيمية (الفقهية) معروفة عند حنابلة نجد، فكأن محمد بن عبد الوهاب يقول: هذا شيخكم الحنبلي شيخ الإسلام صاحب الاختيارات ومالئ الدنيا وشاغل الناس يقرر بأن ما أنتم عليه هو الشرك الأكبر الذي يوجب القتل والجهاد! وساعده على ذلك أمران:
الأول: سكوت الحنابلة عن رأي ابن تيمية المخالف للحنابلة في هذه العقيدة وهي باختصار: التصوف. لأن ابن تيمية حنبلي. فلم يشتهر بينهم إلا بأنه عالم حنبلي فاضل فقيه صالح عابد؟ على عادة أصحاب المذاهب في مدح علماء مذهبهم والسكوت على آرائهم الخارجة عن المذهب.
الثاني: جرأة ابن تيمية في أمرين: إطلاق الشرك ودعاوى الإجماع. فقد كان ابن تيمية جريئا في إطلاق الشرك والكفر والردة ثم الفتوى بوجوب القتل لمن هذه حاله بعد الاستتابة والبيان، وأن هذا (محل إجماع)! فهذا ساعد الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأضاف على جرأته جرأة. فالحقيقة ليس في الإسلام وعهد النبوة شيء من هذا، فهو ابتداع صرف في الدين. ولذلك فكل ما انفرد به ابن تيمية من (إطلاقات الشرك) أو (مسائل الإجماع) غير صحيحة، أو على الأقل (محل نظر وخلاف). أكرر: ما انفرد به.
إذن فعلماء المملكة السلفيون، هم علماء في المذهب الحنبلي التيمي الوهابي.
أما إضافات الوهابية: فأشهرها الحكم على البلدان الإسلامية التي فيها تعظيم للقبور أو تبرك وتوسل بالصالحين بأنها بلاد شرك وليس بلاد إسلام. والحكم على سكانها أو المتأولين من علمائها بأنهم كفار، والتصريح بتكفير للمعينين من علماء الحنابلة فضلً عن غيرهم، وإنزال الآيات التي نزلت في المشركين وجعلها في المسلمين وتقسيم بلاد الإسلام ديار إسلام تابعة للوهابية وديار كفر تابعة لمخالفيهم. وإضافة شروط ل لا إله إلا الله، وإضافة نواقض لها وجعلها في المسلمين المخالفين للوهابية. فإذا كان من نواقض الإسلام التي ذكرها ابن تيمية (مظاهرة المشركين على المسلمين) فقد جعلها الوهابية (في مظاهرة المشركين من أهل العيينة على المسلمين من أهل لدرعية). أعني أنزلوا خصومهم منزلة المشركين الأصليين وأنزلوا أنفسهم منزلة المسلمين فقط الذين لا يوجد في الأرض غيرهم. فهذه المسائل وأشباهها لم يكن عليها ابن تيمية.
وقد خفف (علماء المملكة السلفيون) من بعض الأمور نتيجة الضغط السياسي وأضافوا أموراً نتيجة لأمور عدة سياسية وثقافية وحزبية وعصرية. والغريب أنهم – في الغالب – لا يأخذون باعتدال أهل السنة في التبرك..ولا باعتدال الحنابلة في التوسل..ولا باعتدال ابن تيمية في الحكم على الأعيان (الملعونين) بالكفر ولا باعتدال محمد بن عبد الوهاب في الفقه، وإنما يأخذون الغلو من كل طبقة ويتركون اعتدالها. حتى أمكن القول بأنه: ما أسهل الدخول في الإسلام في عهد النبي (ص) وما أصعب الخروج منه … وما أصعب الدخول في الإسلام عند الوهابية وما أسهل الخروج منه. كان الدخول في الإسلام في عهد النبي (ص) يتم ولو في المعركة وتحت ظلال السيوف. فيكفي أن ينطق الكافر بالشهادة حتى يعصم دمه وماله.
بينما لا يخرج المسلم في عهد النبوة من الإسلام حتى لو كاتب المشركين ونافق وصرخ قائلً (ليخرجن الأعز منها الأذل). مع كل هذا يبقى الشخص في عهد النبوة مسلما ولو في الظاهر وله حقوق كبار الصحابة من التوارث والتزاوج والتعامل وأمره إلى الله..أما في عهد الوهابية فهم يصرحون أنه لا يكفي في دخول الإسلام لا النطق بالشهادتين ولا أركان الإسلام. فلذلك قلنا: ما أصعب الدخول في الإسلام عندهم..لكن في الوقت نفسه ما أسهل الخروج منه ولو بقول (هذا الهواء طبيعي)! أو بكتابة بحث اجتهادي في الآثار أو في إسلام أبي طالب.
فهل لهذه المعرفة والتنوير في أسباب ومنبع الغلو المذهبي ان يقودنا الى اتباع الحق والرجوع إلى الاسلام السمح بعيدا عن التشدد والمغالاة والتكفير والتي قادت الكثير من المسلمين الى هوة الضلال. فالأحزاب السياسية وفرقها الشاذة والقاعدة والنصرة وداعش كلهم من منتوج التزمت والغلو والمذهبية المنكوسة. هذه الأحزاب والجماعات هي التي أرقت الدول العربية والاسلامية ومنعت شعوب الشرق الاوسط من التقدم نتيجة الانقلابات والتخريب الداخلي والتظاهر على النظم الحكومية والتفجيرات والاغتيالات في كل الأمصار. هذا الفساد ما هو إلا سببا مباشرا لعدم الاستقرار. كل هذه اللأمنيات في الحق الأمني للشعوب هي في أعناق من صنعها ولسوف يسألون عنها. “وما خلقنا السماوات والأرض إلا بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون.” ٤٦:٣